تخطى إلى المحتوى

مَن كان حزيـــنا فليتبعني لـــ (علي الموسى)

  • بواسطة

من كان حزيناً ظپظ„ظٹطھط¨ط¹ظ†ظٹ
1 ـ يعمل سعادة مسؤول الشركة الكبرى، شبه الحكومية الصرفة، براتب شهري يوازي مجموع رواتب 25 شاباً سعودياً من كتيبة الأمن الذين يحمل بعض منهم وللمفارقة شهادة الجامعة. هم مثله تماماً في الشهادة مع اختلاف التخصص، وهم مثله مع فارق الزمن الطويل الذي أوصله للكرسي الأكبر، بينما هؤلاء (يستقعدون) على كراسي الرجيع من المستودعات أمام بوابات أقسام الشركة. انتداب سعادته في اليوم الواحد يوازي راتب حارس الأمن في شهر ومع هذا تبدو المفارقة: سعادته يستدعي مدير الموارد البشرية ومسؤول إدارة الأمن بالشركة من أجل دراسة خفض التكاليف، وهذا الخفض الملفت للانتباه يستدعي الاستغناء عن بعض كوادر حراس الأمن.
2 ـ سألتها وهي الأرملة التي تعول ستة أطفال أكبرهم في الثالثة عشرة: هل أكل هؤلاء لحمة حمراء طوال هذا الصيف المتخم باللحوم؟ كانت تهرب من السؤال ولسانها يلهج بشكر من أعماق صادقة لله لا تعرفه الألسنة الحمراء التي ماتت من التخمة. تجيب الصغيرة منهن بكل البراءة بالنفي. تذكرت أن صالة الأفراح القريبة من هؤلاء المسحوقين قد استهلكت في ثلاثين ليلة فقط ما يقارب الألف خروف وتذكرت أن مئات المدعوين إلى هذه الأفراح يتجنبون اللحوم الحمراء ويعودون إلى منازلهم من أجل وجبة من برجوازية ثمار البحر. تذكرت أنني شاهدت مساء ما قبل البارحة مقطع بلوتوث لجمال باركة على الموائد ومن حولها الخراف وكأنها صحون حلوى متناثرة. بكيت لهذا الفارق المخيف وحزنت لأننا بعيدون جداً جداً حتى عن ملامسة هذا الفارق ناهيك عن استشعاره أو الشعور به. شاهدت بأم عيني تلك الثلاجة المنزلية خلف باب المنزل فارغة تماماً وساخنة حين فصلت عنها الكهرباء توفيراً لفاتورة استهلاك. من يشاهد حياة مثل هؤلاء سيطرح عشرات الأسئلة: لماذا نسمي هذا الجهاز العجيب ثلاجة منزلية؟ لماذا نسمي هذه المدن (مدناً) رغم بعدنا المخيف عن دلالة الأحرف الثلاثة؟ لماذا نسمي هؤلاء بالفقراء وهم الأغنياء لله بالحمد والشكر؟ لماذا يعيشون معنا في ذات الشوارع رغم أنهم خبروا جوارنا بالتجربة؟ لماذا نسمي قطعة اللحم في جوفنا (قلوباً) وهي مجرد أجهزة بيولوجية لضخ الدم إلى عقول وبطون لا تحمل الاسم؟


الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.