الرياض – الجزيرة:
أكد معالي ظˆط²ظٹط± ط§ظ„ظ…ط¹ط§ط±ظپ د. محمد الرشيد ان الثوابت في التربية والتعليم هي محل اتفاق الجميع مشيرا في هذا السياق الى انها لا تختلف باختلاف الظروف والاحوال ولفت معاليه في ظƒظ„ظ…ط© له ط¨ظ…ظ†ط§ط³ط¨ط© بدء ط§ظ„ط¹ط§ظ… ط§ظ„ط¯ط±ط§ط³ظٹ ط§ظ„ط¬ط¯ظٹط¯ 1445/1441هـ الى ان الظروف التي يمر بها عالم اليوم في نواح مختلفة تحتم على المسلمين عموما وعلى أهل البلاد التي شرفها الله بخدمة الحرمين ان يضاعفوا جهودهم وفيما يلي نص كلمة معاليه:
تعودت مع بداية كل عام دراسي ان اخاطبكم أوجه النصح للأبناء، وأضع أفكار المسؤولين في وزارة المعارف أمام الاخوة والزملاء، أعرضها عليهم ليعلموا توجه وزارتهم، ويتم تبادل الآراء، وتصحيحها، وتنقيحها، فتتوحد الرؤية، ويتضح المسار.
ان ثوابتنا في التربية والتعليم هي محل اتفاقنا جميعا، وهي لا تختلف باختلاف الظروف والأحوال، فنحن قوم أعزنا الله بالاسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، وسياستنا التعليمية في هذا واضحة كل الوضوح اذ تنص في مقدمة وثيقتها على أنها : «تنبثق من الاسلام الذي تدين به الأمة: عقيدة، وعبادة، وخلقا، وشريعة، وحكما، ونظاما متكاملا للحياة، هي جزء أساسي من السياسة العامة للدولة».
فالعقيدة لا تتغير في أصولها وفروعها، والأخلاق لا تتغير بتغير الظروف والمصالح، أما ما عدا ذلك من ضروب المعرفة والعلوم، والوسائل والأدوات، فلابد فيها لأي أمة من مسايرة العصر، والا ألقي بها في مهاوي الضياع والنسيان.
ان الظروف التي يمر بها عالم اليوم، في النواحي: السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتقنية، والأخلاقية، والعلمية، وسواها، تحتم على المسلمين عموما، وعلى أهل هذه البلاد التي شرفها الله بخدمة الحرمين الأطهرين خصوصا، أن يضاعفوا جهودهم، ويزدادوا علما وعملا، وكداً وكدحاً، وأن لا يأخذوا من التسلية والترفيه إلا بالقدر الذي يستعينون به على أداء الواجبات، فالأمر جد لا هزل فيه، وان لم يثبتوا جدارتهم وتفوقهم وقوتهم فان مصيرهم الاستعباد أو الاستبعاد، لا قدر الله.
أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات:
أنتم حبات القلوب، وذوب النفوس، ومعاقد الآمال، وقرة العيون، ان شاء الله، وان أعماركم أنفس ما تملكون، وما أعماركم الا أوقاتكم فحافظوا عليها أكثر من محافظتكم على نقودكم وأموالكم.
وأعلموا ان الله قد أودع فيكم من المواهب والطاقات الكثير الكثير، فليعرف كل واحد منكم نواحي التفوق عنده، وليعمل جاهدا على تنميتها والاستفادة منها.
ان وطنكم قد قدم اليكم الكثير وان واجبكم أن تردوا الجميل، فالأمانة – إذن – في أعناقكم ثقيلة، لانكم رجال الغد المشرق باذن الله ونساؤه، والتنافس المحموم هو واقع أمم اليوم، والتربية القويمة والعلم والعمل أدواته فان لم تملكوا الأدوات، وتتفوقوا في استعمالها، فلا مكان لكم بين الأمم.
ان ديننا دين الوسطية، والاعتدال، والتسامح، والتحابب، وهذه المعاني ينبغي ان تكون مستيقظة في نفوسكم دوما، «فالمسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله»، كما جاء في الحديث الشريف.
ورسولنا الأكرم عليه الصلاة والسلام يقول: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا..» فلابد من التحابب، والتسامح، والتراحم، ما دمنا متفقين على الأصول الثابتة، أما اتفاق الآراء في المسائل الفرعية كلها أو جلها فغير ممكن، واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، كما يقول الشاعر:
أبنائي وبناتي الطلاب والطالبات:
إن التعليم العام الذي تتلقونه في مراحل دراستكم الثلاث: الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية يقدم لكم المعرفة الضرورية التي لا يليق بكم ان تجهلوها، أما عملية التعلم فيجب ان تكون مستمرة ما دامت الحياة. وان العلم يقدم لنا في كل يوم جديداً، وما لم يتابع الانسان ما يجد في مجال تخصصه يصبح أمياً بعد مدة قصيرة، فعليكم ان تضعوا هذه الحقيقة نصب أعينكم، وتظلوا دائماً طلابا للعلم.
إن الغاية العليا من التربية والتعليم في بلادنا هي معرفة الله سبحانه، وعبادته على بصيرة حسبما شرع، واعمار الارض بما يحقق مصلحة الانسان، وفق توجيهات الخالق عز وجل، وهذا هو الهدف النهائي لاستخلاف الله سبحانه الانسان في الأرض، وليست اللذة مهما تجملت، أو اتساع دائرة الاستهلاك هما مقياس الرقي والتقدم في الأمم. لقد أسقط طلب اللذة والنهم الاستهلاكي دولاً وحضارات عظمى في الماضي، ويمكن لهما ان يفعلا ذلك مرة اخرى: «سنة الله في الذين خلوا من قبل، ولن تجد لسنة الله تبديلا».
إخواني وأخواتي الآباء والأمهات الأفاضل:
إن البيت هو المدرسة الأولى، ولن يجد الأولاد من يحبهم ويحنو عليهم أكثر من والديهم. وان السنوات الأولى من عمر الطفل هي مرحلة ثمينة لتربيته وتعليمه، ان ضاعت ضاع على الطفل خير كثير. ان للمدرسة وظيفة يصعب عليكم القيام بها، ولكم وظيفة لا تستطيع المدرسة القيام بها، ولابد من الاشتراك والتعاون بين البيت والمدرسة لتحقيق الآمال، بعون الله وحسن توفيقه. وان «الشركة» الناجحة لا تكون إذا لم يتصل الشريك بشريكه على الدوام، ويتعاون معه، وان المدرسة الناجحة هي التي تزداد صلات أولياء الأمور بها، ويزداد تعاونهما، وتآزرهما، فيكمل أحدهما الآخر.
أيها الزملاء الكرام من المعلمين والمعلمات والمديرين والمديرات، والمشرفين والمشرفات:
إن الرسالة التي نسعى الى تحقيقها تشريف وتكليف، وان الأمانة التي حملناها عن طواعية واختيار ثقيلة، فان حفظناها ورعينا حقها فزنا بعز الدنيا وثواب الآخرة، وان ضيعناها – لا قدر الله – كانت علينا حسرة وندامة في الآخرة، وذلا وخساراً في الدنيا، وتذكروا اننا مؤتمنون على أنفس ما عندنا، فلذات الأكباد، وبراعم الأمل الواعد، والغد المشرق باذن الله.
قلت مراراً، واسمحوا لي أن أعيد: ان المعلمين والمعلمات هم رأس العملية التعليمية، وذروة سنامها، وركنها الركين، وأسها المتين. نحن لا ننكر أهمية المنهج الجيد، والكتاب المتميز، ولا أهمية المبنى النموذجي، وضرورة الوسائل المعينة، ولكن ذلك كله لا يجدي إذا لم يكن المعلم مقتدراً أميناً، قدوة في علمه وعمله، حكيماً في تربيته، متمكنا من مادته، جيداً في تدريسه، مشوقاً لطلابه، مؤثراً فيهم.
ان الحب، والاحترام النابع من الحب، هما أهم أساسين للعلاقة بين المتعلم والمعلم، وهما لا يشتريان بالمال، ولا يفرضان بالعصا، انما ينالان بالحكمة، والصبر، والاقتدار، والاخلاص، والتواضع، بالرفق الذي وصفه رسولنا المعلم الأكبر، عليه الصلاة والسلام، بقوله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه». وقوله: «إن الله لم يبعثني معنّتا – أي مسبباً للمشقة، ولا متعنتاً – أي: طالباً زلات الآخرين – ، ولكن بعثني معلماً ميسراً».
إنني أدعو إخواني وأخواتي من المعلمين والمعلمات، والمديرين والمديرات، والمشرفين والمشرفات، وكل من له علاقة قريبة أو بعيدة بالعمل التربوي، إلى مضاعفة الجهد، ووصل كلال الليل بكلال النهار، لأنهم أمناء لا أجراء «وهم كالأطباء الذين يظلون يعالجون الآلام والأسقام، وان تأخرت رواتبهم» لأنهم في المقام الأول – يحتسبون الأجر عند الله. ان المعلمين والمعلمات يسهمون الاسهام الأكبر – بعون الله – في صناعة المستقبل، وان أركان صناعة المستقبل عندنا واضحة لا لبس فيها: صدق مع الله تعالى واعتماد عليه، ثم سلامة في الصدور، وعزيمة على الرشد، وسير على هدى وعلم، وعمل بروح الفريق، وصبر ومصابرة، وجد ومثابرة. وان مسؤولية التربية والتعليم مسؤولية يسهم فيها كل فرد في هذا المجتمع وكل مؤسسة، فما من أحد – أيا كان موقعه – إلا ويستطيع – بمقدار ما – أن يربي ويوجه بلسان الحال أو بلسان المقال والعبرة في الأثر الحسن الذي يظهر على المتلقي.
إنني أدعو نفسي، وأدعو الجميع، الى تصحيح النية، وحسن التوكل على الله، ثم التعاهد على التعاون والتحابب، والتآزر والتناصح، والتحلي بالأخلاق والآداب الحميدة الكريمة، نطبقها وندعو اليها، ولنكن متفائلين ببداية هذا العام الدراسي الجديد، جعله الله خيراً مما سبقه، وجعل ما بعده خيراً منه.
محمد الرشيد
أدعو المعلمين والمعلمات، والمديرين والمديرات، والمشرفين والمشرفات، وكل من له علاقة قريبة أو بعيدة بالعمل التربوي، إلى مضاعفة الجهد