كانت العرب تقول قديماً: " تكلموا تُعرفوا ". حيث إن كلام الإنسان يعبر عن عقله وعن رؤيته للأشياء و عن تطلعاته وهمومه …. لكن قد يكون ما عنونّا به هذه
الرسالة أدق, فاهتمامات الإنسان لا تعبر عن عقله و علمه فحسب, وإنما تعبر عن خلاصة توجهه في الحياة وعن تفاعله مع المبادئ والقيم السامية وطريقة
فهمه لها.
هناك فريق من الناس همهم الأكبر هو لفت الأنظار إليهم, فتراهم يبحثون عن الشهرة والظهور بأي ثمن ويتعلقون بالشكليات من كل نوع, فهذا يبحث عن رقم
مميز لجواله, وهذا يبحث عن رقم مميز للوحة سيارته, وذاك يبحث عن قصَّة جديدة لشعره, ورابع عن طراز جديد لثوب يرتديه… إن من غير الممكن أن نعثر
على رجل عظيم يهتم بأشياء تافهة, كما أن من غير الممكن أن نعثر على إنسان وضيع يهتم بأمور عظيمة, وإن هناك عدداً غير قليل من الرجال الموهوبين الذين
يملكون العديد من الصفات والمؤهلات التي تجعل منهم أشخاصاً عظماء, لكنهم لم يصبحوا عظماء, لا شيء سوى أن ط§ظ‡طھظ…ط§ظ…ط§طھظ‡ظ… تافهة.!
في إمكان الواحد منا أن يتعرف على شخصيته وعلى الطريق الأساسي الذي يمضي فيه من خلال الأمور التي تسيطر على تفكيره, وتوجِّه سلوكه ومواقفه, وتنظم
ردود أفعاله, فإذا وجد أن الفوز برضوان الله – تعالى- وظهور الإسلام وانتشار الفضيلة وغلبة الحق هي التي تستحوذ على جل اهتماماته, فهذا يعني أنه من
الصنف النبيل الذي يرجو الخير, ويرتجي له, وإذا وجد أن ارتقاءه في وظيفته, وزيادة رصيده في ( البنك) وإثارة اهتمام الناس به…. هي التي تشغل باله, فإن
عليه أن يتوقف فوراً لأنه يمضي في طريق غير طريق أولياء الله وغير طريق العظماء, وليعمل بجد على إعادة ترتيب أولوياته واهتماماته, ورحم الله القائل: من
عاش لربه ودينه عاش كبيراً ومات كبيراً, ومن عاش لنفسه وملذاته عاش صغيراً ومات صغيرا !
للدكتور : عبد الكريم بكار