الإخوة الأكارم /
موضوع " بر الوالدين " طُرح كثيرا ، وسُمع كثيرا ، وقُرئ عنه كثيرا …
تأملتُه مليا … فرأيتُ فيه خللا ظاهرا بينا جليا … فبعضنا يسمع عن " بر الوالدين" … ولا يعرف كيف يبرهما !!…
فبدا لي أن أطرحه بطريقة أخرى … أحسب أنها تؤدي إلى المقصد … مما طُرح ، وسُمع ، وقُرئ .
أطرحه بصيغة الأفكار والمقترحات التي تُدخل السرور على الوالدين ، وتؤنسهما ، وتسعدهما ؛ فيكون الرضى عنك منهما بإذن الله …
وقد يناسب بعضَها بعضُنا … وقد لايناسب … فخذ ما شئت ودع ماشئت .
وهذه الأفكار نتيجة تأمل … وهذا التأمل فيه ما فيه … فغضَّ الطرف عنه …
وقد قصدتُ تجاوز ما يُطرح في الدروس والمحاضرات والخطب ونحوها مما لا يخفى على الأفاضل مثلكم … فلا يعتب عليّ الأخوة .
والمقصد الفوز برضى الوالدين … ورضى الله – كما لا يخفى – من رضاهما .
ولا يعرف … ولن يعرف …. ولم يعرف … قدر الوالد والوالدة إلا من فقدهما … وعندها يقول " يا ليت !! " … ولن تنفعه .
وأقول : كيف يفلح من عقّ والديه …وأغضبهما ؟!. نسأل الله العافية .
نسأل الله أن يرحم المتوفى منهما … ويطيل في عمر الحي على طاعته …
وأن يرزقنا برهما ، والقيام بحقهما وواجبهما …
وأن يجمعنا بهما وذرياتنا … مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أعالي الجنان .
وأسأل الله أن يجزي من طلبَ … فتسبب في طرح هذا الموضوع خيرا … وأن يهبه خير ما وهب عباده الصالحين .
أولا : الدعاء .
من ألزم ، وأوجب ، وأهم ، وأولى ، وأحرى ، وآكد الواجبات تجاه الوالدين : " الدعاء لهما " …
اجعل ذكرهما والدعاء لهما … ملازما لك … لا ينفك عن بالك .
تذكرهما في سجودك … في وترك … في دعائك المطلق … في حجك … في عمرتك … في طوافك … عند دخول خطيب الجمعة حتى تنقضي الصلاة … في آخر ساعة من يوم الجمعة … بين الآذان والإقامة … وغيرها من أوقات الإجابة التي لا تخفى عليك … فتدعو لهما .
ادع لهما بـ :
– الرحمة … ( رب ارحمهما ) .
– المغفرة .
– العافية .
– حسن الخاتمة .
– إطالة العمر على الطاعة .
– الهداية والصلاح .
– إعانتهما على الطاعة .
– التخلص من المعاصي التي قد يُبتلى بها أحدهما .
– دخول الجنة والتعوذ من النار .
– الشفاء مما قد يصيبهما من أمراض .
– أن يعينهما على تربية إخوانك .
– أن ييسر لهما الرزق الحلال الطيب .
– أن يبارك لهما فيما يحبون مما يرضي الله .
– أن يؤلف بينهما ( إن كان بينهما مايكدر العيش ).
– أن يجزيهما خير الجزاء على مابذلاه تجاهكم .
ومن أجمل اللفتات وأجلّها … والتي تدخل السرور عليهما بما قد لا يخطر لك على بال … أن تخبرهما بفضلهما عليك … وأنك تدعو لهما … في كل حين وعلى كل حال .
قد تتفاجأ إذا قلتَ لهما ذلك … ببكاء أحدهما … خاصة إذا كان الواحد منا – وللأسف – قليل الخاتمة معهما من قبل .
– أخبرني أحد الأفاضل بأنه قد وضع في شاشة جواله الرئيسة قوله تعالى : " رب ارحمهما " … يقول : لاتتصور أثر ذلك على من رآه … فضلا عن تذكري الدائم لهما … والدعاء لهما .
قلت : قد يناسب أيضا أن تضع ذلك في شاشة جهازك الحاسوبي .
والشيء بالشيء يُذكر :
قد رأيتُ توقيعا رائعا لأحد الأفاضل … يدعو فيه لوالديه … وأحسب أن ذلك قد أثّر فيمن قرأه … فجزاه وجزاهما خير الجزاء .
ثانيا : الصدقة عنهما .
ومن أجلّ الأعمال ، وأعظمها : الصدقة عنهما … ووضع الوقف الخيري لهما … وإشراكهما في أعمال الخير المالية .
قد تتبرع لهما استقلالا … وقد تشركهما معك في صدقتك .
شارك لهما في بناء المساجد … وحفر الآبار … وطباعة المصاحف … وأوقاف الخير العامة .
قال أحد الأفاضل : تبرعت لمشروع كبير يحوي مسجد جمعة ، ومدرسة لتعليم القرآن ، ومغسلة للأموات … وأشركت والديّ معي في أجر الصدقة … فكنت أفرح كثيرا إذا صليت في ذلك الجامع أو مررت بجواره … لعلمي أني ووالديّ قد ساهمنا في بناءه .
شارك ولو بالقليل … ولا تقل أن ما أتبرع به لا يُعدّ … أو ما أتصدق به لايؤثر … فأنت تتعامل مع الله تعالى … فنعم المولى الكريم … سبحانه وتعالى … وموازين الآخرة … لا تقارن بموازين الدنيا . أيضا :
قد يناسب أن
تخبرهما
بأن تتصدق عنهما – أحيانا – لتدخل السرور عليهما … وأنك " صدقة جارية لهما " …. ثم لا تسأل عن دعائهما لك … ورضاهما عنك .
ثالثا : أخذهما في رحلة برية .
قد يناسب أن تطلب من والديك أن تأخذهما معك إلى رحلة برية … تأخذهما إلى مكان جميل وممتع … إلى روضة من الرياض الجميلة …
تطلب منهما أن لا يحضرا شيئا … عدا أغراضهما الخاصة .
تحضر أنت جميع احتياجات الرحلة … وتخبرهما بذلك … فتقول : لا أريد إلا أن أدخل السرور عليكما … أريد أن أوسع صدوركما … أريد إيناسكما … إلخ .
وتحرص على إحضار ما يحبون من المأكولات
إن طلبا أحدا من إخوانك يشارككما الرحلة فقل : أبشرا … سمعا وطاعة … ونفذ طلبهما …
ثم تجعلهما على راحتهما في البر … وتخدمهما في كل مايريدون … تسخن لهما الماء ، تصلح لهما الفطور أو الغداء … تشوي لهما … تشعل لهما الحطب … تجعل لهما حاجزا عن الهواء … تفاجأهما بإهدائهما الجوارب أو الغطاء أو القفازين أو البشت أو غطاء الرأس … وتلبسهما إياه …
أحضر لهما المقاعد والمتاكئ … وإن كانا يرغبان الكراسي … فأحضرها لهما .
ثم تمشي وإياهما في الصحراء … فتفتح معهما الموضوعات التي يحبونها … كيف كانوا في السابق ؟… كيف تم زواجهما ؟… كيف كانت ولادتك إخوانك ؟… وأي الولادات أشد من بين إخوانك ؟ … ما أحب البلاد إليكما ؟… ما أحب الأكلات إليكما ؟… مواقف محرجة … مواقف مضحكة … مواقف محزنة …
إلعب معهما لعبا مناسبة … لعبة الحروف مثلا … تذكر مدينة … ثم يذكر والدك مدينة حسب آخر حرف من مدينتك … ثم تذكر والدتك مدينة حسب آخر حرف من مدينة والدك … وهكذا .
إلعب معهما … وشجع من يفوز .
أرّخ هذه الرحلة البرية … واجعلها من أجمل الأيام التي قضيتها مع والديك … ثم اطلب منهما تكرارها .
أسأل الله أن يعيننا إلى بر والدينا … ورضاهما عنا
طفل صغير يطعم أمه التي لاتملك يدين