تخطى إلى المحتوى

ملح وسكر

المدينة : الجمعة 7-5-1441هـ
تحذيرات ومساءلات: وماذا بعد؟!
ملح وسكر
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
بصراحة لا زلتُ لا أفهم -وربما لن أفهم- مدى الفجوة العميقة بين الأعمال والآمال التي ترغبُ وزارة التربية والتعليم في تحقيقها، وتلك القرارات التي من خلالها تعمل الوزارة العزيزة على كلِّ منزلٍ في بلادنا الحبيبة.
الوزارة تتحدثُ دائمًا عن المشروع العظيم الرائد، الذي يحمل اسم (مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم العام). والذي خُصص له 9 مليارات ريال. شخصيًّا لا أعلم إلى أيّ مدى وصل التقدم في هذا المشروع، إذ كل ما يُقال يتمحور حول شراء تقنيات، وتجهيزات، وبرمجيات، في حين تظل قضية المعلم اختيارًا، وتدريبًا، وتقويمًا، وتطويرًا ممسكة بتلابيب التقاليد القديمة الراسخة المتشبثة بآليات ثبت عدم جدواها إلاّ في تراجع مستوى التعليم عامًا بعد عام.
هذه الآمال الكبار يقابلها في خطٍ موازٍ معاكسٍ اهتمامات خارج التاريخ في شاكلة (التحذير) الموجّه إلى كافة الإدارات التعليمية للبنات في كافة مناطق المملكة، من السماح بإدخال (الجوالات) المزوّدة بكاميرات. والتحذير مشفوع بالتنبيه بالإخضاع للتحقيق، والمساءلة في حالة اكتشاف دخول هذه الأجهزة إلى مدارس البنات في كافة المناطق والإدارات.
ماذا ستصنع إدارات التعليم، يوم أن تختفي من الأسواق الجوالات العتيقة، وهو حدث ربما كان قريبًا؟ هل سنطالب نوكيا، أو سامسونج بخطوط إنتاج خاصة لنا؟ أم أن تلك الإدارات ستستثمر في مصنع محلي لإنتاج الجوالات عديمة الكاميرات، مخصصة للبيع في مدارس البنات؟!
وقد يصيحُ صائحٌ: ما المانع في الجمع بين تطوير التعليم، ومنع الجوالات ذات الكاميرات؟! وأقول لا مانع سوى أن التطوير الذي يعيش في أجواء مكهربة مشحونة بالتحذير والمساءلة لا يدوم طويلاً، ولا ينتعش كثيرًا، وإنما يصبح شكليًّا لا فائدة منه. وللعلم فالتحذيرات كثيرة ليس أولها الجوال بكاميرا، فهناك لون الجوارب، ولون (البكلة)، وطريقة وضع (العباية)، وشكل الشعر، ولون الجزمة، وغيرها من الشكليات التي تحتل مساحة كبيرة من دور المدرسة الرقابي والتربوي، مع أن هذا الدور ينتهي تمامًا بمجرد الخروج من المدرسة، لأن الرقيب الداخلي غائبٌ لم يعتنِ به أحد إلاّ قليلاً.
https://www.al-madina.com/node/367518


الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.