بسم الله الرحمن الرحيم
اتصل المدير على المعلم ليخبره أن مشرف المادة سيزوره في الفصل.. تكدر خاطر المعلم وزاد همه.. بانتظار مرور هذه النازلة بخير..
دخل المشرف على المعلم في الفصل فحصل ما يلي:
_ جلس المشرف في مؤخرة الفصل وأخرج استمارة التقييم وبدأ في اصطياد الزلات..
_ ارتباك ظاهر على المعلم وتغير في طريقةالشرح لاحظها جميع الطلاب..
_ فزعات طلابية ونشاط مصطنع لتبييض وجه المعلم..
_ نظرات استشفاء وانتقام لاحظها المعلم في أعين بعض الطلاب المشاكسين..
وبعد انتهاء الدرس.. اجتمع المشرف بالمعلم وبدأ في نشر غسيله بطريقة فجة متكلفة.. كما قيل: "الناقد بصير"، وبدأ يطلب منه أموراً لم يكن يفعلها هو عندما كان معلماً.. استخدام وسائل مثل الحاسب الآلي.. العارض الضوئي (البروجكتر).. استخدام لوحة عرض..
تقسيم الطلاب إلى مجموعات.. استخدام الأوراق المطبوعة..
ثم بدأ يستعرض أمامه بمصطلحات سمع بها ولا يفهمها.. تحفيز التفكير.. التغذية الراجعة..
قال المعلم: من كان يحمل فوق ظهره (24) حصة وينوء فصله بـ(40) طالباً ويدرس (6) مناهج.. كيف يمكنه أن يأتي بما تقول..؟
قال المشرف: ولو.. أنت معلم ومطالب بذلك.. وجعّد وجهه وقطّب جبينه سُخطاً من الاعتراض..
فلما رجع المعلم إلى غرفة المعلمين مهموماً منزعجاً وقص عليهم الخبر.. قالوا له: ثاني مرة قل له: إن شاء الله.. أبشر.. ولا تعترض..!
ولما خرج الطلاب إلى الفسحة جلسوا يتندّرون بمعلمهم ويسخرون منه..
س1: ما هي الآثار التي نتجت من هذه الزيارة البغيضة؟؟
ج1: كثيرة.. منها:
_ إهانة المعلم وضياع هيبته ومقامه أمام طلابه.. وهذه من أشنعها..
_ إحساس الطلاب بأن المعلم متصنّع مراءٍ..
_ إحساس الطلاب بأن لهم منة وفضلاً على معلمهم..
س2: هل في هذه الزيارة قياس حقيقي لأداء المعلم والطلاب؟
ج2: طبعاً لا.. لأن المعلم والطلاب كانوا على غير ما هم عليه في الواقع.. فطريقة الشرح اختلفت.. وتجاوب الطلاب زاد..
والمعلم الكسول المهمل لا يعجزه أن يجري تمثيلية لمدة نصف ساعة يخدع بها المشرف..
كما إنه لا يمكن قياس عمل سنة كاملة بزيارة لا تجاوز نصف ساعة..
س3: إذن لماذا الإصرار على إضرار المعلم بهذه الزيارة ما دامت لا تعكس مستوى المعلم حقيقة.. ولها هذه الآثار السلبية؟
ج3: تقليد قديم لا يراد له أن يتغير!
س4: هل هناك طريقة بديلة للزيارة الصفية؟ وكيف يمكن الارتقاء بمستوى المعلم؟
ج4: أكيد.. وهذه الزيارة لا يمكن أن تكون سبباً في رفع مستوى المعلم.. ومن الطرق أن يقوم المشرف بالشرح بدلاً عن المعلم.. ويحضر المعلمون شرحه ليطبق لهم ما يقوله إن كان صادقاً.. ويستفيدون منه ويناقشونه.. وهو ما يسمى بالدرس النموذجي.. لكن _مع الأسف_ حتى هذا الدرس النموذجي يطلب من المعلمين تقديمه ولا يقوم به المشرف أبداً! لأنه _ربما_ لا يريد أن يتعب نفسه.. أو بعبارة أخرى.. لا يريد أن يفضح نفسه.. ومنها إقامة الدورات المفيدة.. وإصدار النشرات المعينة والرديفة للمنهج..
وعلى كل حال.. فالمعلم مؤتمن.. وليس هناك من سبيل إلا إعطاؤه الثقة الكاملة.. لأنه إذا دخل الفصل وأغلق الباب على الطلاب.. فلا يمكن لأحد أن يدري ما الذي يجري بينه وبين طلابه..
[الكلام السابق ينطبق على أي زيارة.. سواء كانت من المشرف أو المدير أو غيرهما]
إضافة لما سبق.. في نظري أن المعلم الناجح المنتج هو من يحبه طلابه ويستفيدون منه، وبالطبع المقصود بالطلاب هنا الطلاب الأسوياء المتميزون _ولو كانوا قليلين_ فلو سُئل بعضهم بطريقة ما _غير مباشرة_ عن ط£ط³ظ„ظˆط¨ المعلم وتعامله ومدى تقبلهم لشرحه وتوجيهه وفهمهم لمنهجه.. ستكون إجاباتهم كافية لمعرفة مستوى المعلم.. وبطريقة أكثر دقة وموضوعية من أسلوب الزيارة الساذج..
وللعلم فإن الزيارة الصفية هي إحدى بقايا الأنظمة القديمة المستوردة من بعض الدول المجاورة، كل شيء تغير _ولا أقول: تطور_ إلا هذه الزيارة الثقيلة، ربما لأن ما يتم تغييره في الغالب يشترط فيه أن لا يكون في صالح المعلم!!