تخطى إلى المحتوى

حصص الانتظار من واجبات المرشد الحقيقية (مهم)

بسم الله الرحمن الرحيم

[أولاً: أعتذر سلفاً على الإطالة، لكني رأيت الأمر ذا ضرورة ملحة..
ثانياً: أرجو أن لا يتحسس أحبابنا المرشدون من النقد، فالمقصود النصح، ويبقى بيننا من المحبة الشيء الكثير قبل ذلك وبعده..]
للمرشد دور مهم جداً في العملية التربوية، وتناط به ظˆط§ط¬ط¨ط§طھ ضرورية جداً للتأثير في أخلاق الطالب وتحصيله العلمي.. خاصة في مرحلة المراهقة..
ولا أبالغ أبداً إن قلت: ربما أنقذ ط§ظ„ظ…ط±ط´ط¯ حياة الطالب بأكملها، ببرنامج إرشادي مختصر وسهل.. (نصيحة_قصة_شريط_كتيب_هدية_قطعة حلوى_ابتسامة…)..
أقول: هذا ما يجب على المرشد، ولا شك أن منهم من يقوم بدوره هذا على الوجه الكامل _وإن كانوا قلة_ ممن دخلوا هذا المجال رغبة في الإصلاح وإيماناً بأهمية الدور الإرشادي مع ما يتوافر لديهم من مقومات كافية لإعطاء هذا المجال حقه من العناية..
لكن _وللأسف الشديد_ أصبحت وظيفة المرشد صيداً سميناً يبحث عنه أصحاب الواسطات والمتزلّفون في المكاتب والإدارات!! وأصبحنا نرى كثيراً من المعلمين يمنِّي نفسه بها لأنه يرى فيها الراحة والفراغ وكثرة شرب القهوة والتقلب في فضاء الشبكة العنكبوتية الرحب!!
كثير منا يعلم أن في المدرسة مرشدًا _أو أكثر_ لكنه لا يرى إرشاداً!!؟؟
الواقع يقول: إن كثيراً من المرشدين _وليس جميعهم بالطبع_ لا يعرف طبيعة عمله لأنه دخلها طمعاً لا حباً!
والواقع يقول: إن كثيراً منهم يظن الإرشاد عبارة عن أوراق يملؤها في بداية كل فصل دراسي، وينتظر حتى يحال إليه طالب من الإدارة ليمارس معه بعض الروتين الوظيفي بطريقة ميتة لا روح فيها..
والواقع يقول: إن كثيراً من المرشدين (يتسدح في الغرف الإدارية) بحثاً عن (السواليف) والقهوة..
والواقع يقول: إن بعضاً منهم لا هم له إلا التزلّف إلى مدير المدرسة ونقل الكلام والوشايات عن المعلمين ليظهر نفسه بمظهر الحريص الغيور على مصلحة الطلاب، لكنه لا يكلف نفسه أن يجلس مع المعلمين للتداول في مشاكل الطلاب وشكاويهم!
والواقع يقول: إن بعض المرشدين ينافق مديره لأجل أن يخرج إذا أراد ويحضر إذا أراد ويفعل ما يريد..
والواقع يقول: إن كثيراً من المرشدين يتدخل فيما لا يعنيه _خاصة إذا وجد مديراً ضعيفاً أو من جماعته_ فيحاول بسط سيطرته وسلطته ووصايته على المعلمين عن طريق المدير!!
والواقع يقول: إن بعض المرشدين قتلهم الفراغ حتى أشغلوا من حولهم!!

كما إنه من الإنصاف أن نقول: إن الواقع يقول: إن من المرشدين ذوي أمانة وخلق وإخلاص وصلاح يحرق نفسه ليضيء لغيره، ويضحي براحته لراحة غيره، ويتخذ الطلاب أبناء وإن لم يخرجوا من ظهره، يسأل عنهم داخل المدرسة وخارجها، ويتابع صغير أمورهم قبل كبيرها، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، وكم أنقذ الله به ونفع، ومنع من الشر وقطع..
لكن هذا المرشد المخلص لم يكن لينفع لولا أنه عمل بروح النظام لا بنصه وأنظمته، ولأنه استشعر الأمانة فنفع وأبدع، ولم يقف عند التعاميم الورقية الجافة وإعداد الاستبيانات والجداول ليراها المشرف والمدير، وإن كان أكثرها معبّأ آليًّا ومصوّر عن سنوات سابقة! فقط ليملأ بها عين المشرف الذي لا يسأل إلا عنها!

وكي لا أكون سلبياً ناقداً فقط.. لابد من النظر _باختصار_ في الأسباب أولاً، ثم في الحلول وتطبيقاتها ثانياً فأقول:

أما الأسباب فكثيرة منها:
1) عدم الاهتمام بانتقاء من يصلح للإرشاد وترشيحهم وعرض الوظيفة عليهم بعد متابعتهم، وإنما ينتظر من يتقدم لها، فيجرى له مقابلة مختصرة لا يمكن أن تكون مقياساً للصلاحية! كما هو الحال في تعيين المدراء والوكلاء، والأدهى والأمرّ إن كان في الأمر (واواً)!
2) عدم وجود تأهيل كافٍ وتخصص علمي وعملي في الإرشاد، فما المانع أن توجد آلية لتوظيف مرشدين متخصصين ليسوا معلمين، يملكون من المقومات الإرشادية والنفسية والعلاجية والأمنية والسلوكية ما يكفي للتعامل مع القضايا الإرشادية، ويكون هذا أوفر على الوزارة مادياً، ويسد كثير من العجز في معلمي المدارس بسبب تسرب كثير من المعلمين إلى الوظائف الإدارية، ويحسم كثيراً من مادة المحاباة المجاملات في تحويل المعلمين إلى مرشدين.. وأظن أن هذه مسألة مهمة جداً، وإن غضب من غضب..
3) ضعف متابعة المشرفين للمرشدين واكتفاؤهم بتقليب بعض الأوراق التي يعدها المرشدون دون التحقق من صدقها على أرض الواقع، ودون النظر في إنجازات المرشد ط§ظ„ط­ظ‚ظٹظ‚ظٹط© في واقع الطلاب وأخلاقهم، فالمشرف يسأل عن الأوراق ولا يسأل عن المناشط الإرشادية ولا يفحص العينات المستهدفة.
4) بلاء التعليم أن المطلوب الأقوال لا الأفعال، ولذا تجد أكثر ما تعرضه إدارات المدارس ومكاتب التربية والتعليم على المشرفين والمتابعين من قبل إدارات التعليم أو الوزارة، أو يرسل إليهم.. مزيّف مزوّر إلا ما رحم الله، وكم رأينا من التقارير التي ملأت أوراقاً كثيرة وفيها: (قُمنا وفعلنا ونظّمنا وأجرينا وخاطبنا وأحضرنا ودرّبنا ونسّقنا..إلخ) وكله كذب!! حتى أصبح الكذب جزءاً من الإدارة في كل مدرسة _إلا ما رحم الله_، بل ربما كان الكذب جزءاً من النظام التربوي غير المكتوب، وربما قال المشرف للمدير أو المدير: اكتب أي شيء حتى نرفعه إلى المسؤولين!! والمرشد _مع الأسف_ يحتاج إلى شيء من هذا العبث!
هذه بعض الأسباب..

أما الحلول المقترحة فكثيرة جداً أيضأ منها:
1) و2) و3) و4) القضاء على الأسباب السابقة.. هذه أربعة.
5) لو علم المرشد عظم الأمانة التي يتحملها في إصلاح أجيال المسلمين، وبالتالي عظم الأجر المترتب على القيام بها، لما طاب له أن يضحّي بدقيقة من وقت الوظيفة أو جهد يملكه في تحقيق أهدافها..
6) عدم اهتمام المدراء بتفعيل الأدوار الإرشادية وتهيئة أسبابها ووسائلها مادياً ومعنوياً، والبحث عما يسد الفراغ الوظيفي فقط دون تلبية حاجة الطلاب الفعلية إلى الإرشاد..
7) ينبغي على المرشد أن لا ينتظر تحويل الطلاب إليه، بل يبادر إليهم ويتحسس أحوالهم واحتياجاتهم ويسألهم ويسأل عنهم، ويناقش أوضاعهم..
8) ما المانع _مثلاً_ أن يتولى المرشد الدخول في بعض حصص الانتظار _حصة أو اثنتين_ كل يوم.. يجلس معهم جلسة أبوية يسأل فيها الطلاب ويحاورهم ويناقشهم ويبحث عن مشاكلهم يريح الطلاب من المعلمين، ويريح المعلمين من الطلاب، ويعد لهذه الزيارات برنامجا نافعاً أو مسابقة هادفة…إلخ، الذي أعرفه أنه ليس في النظام مادة تنص على عدم تحميل المرشد حصص انتظار.. بل شأنه في ذلك شأن المعلم..
9) عدم تحميل المرشد أي مهمة خارجة عن نطاق الإرشاد الطلاب، ومع الأسف هذا الأمر شائع جداً (من باب ساعدنا ونتغاضى عنك!) بل أذكر في إحدى المدارس يقوم المرشدون بمتابعة إشراف المعلمين في الفسحة والصلاة!!
10) مراقبة الطلاب بطرق خفية في الفسحة والصلاة وحصص البدنية دون أن يشعروا به، ليتعرف على بعض سلوكياتهم الخاطئة، وينصح المسيء بطريقة خلوية، ويكتشف ضحايا هذه المخالفات الذين يستحون من رفع شكاويهم، ويأخذ فكرة عن المخالفات العامة ويعالجها قبل أن تنتشر بين الطلاب..
11) إقامة المناشط والكلمات والمسابقات والبرامج.. إلخ، ومجالها واسع جداً والمرشدون أعرف بها من غيرهم، لكن الشأن كل الشأن بالاهتمام بها وتفعيلها..

[قبل أن أختم.. ولئلا يغضب عليّ أحد أقول: إنني لم أكتب ما كتبت إلا عن علم ورأي عين، ولقد رأيت بعض النماذج سيئة في مدارس سابقة.. وأرجو أن لا يكونوا ظاهرة منتشرة في التعليم..]

ختاماً.. عذراً على الإطالة، وعذراً إلى المرشدين إن كنت أثقلت عليهم..


الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.