من أجمل ماقرأت كتاب إرشادي حول مفهوم المسرح وطريقة تنفيذ العمل المسرحي وصياغته . وهذا الكتاب من تأليف الأفاضل في الوزارة , ووقع بيدي مصادفة في المدرسة ! أكثر ما أضحكني , هو إصدار مثل هذه الكتب ذات المحتوى القيم , والتي تكلف ميزانية معينة في عقد لجان تتقاضى مكافآت لإعدادها هذا الكتاب وفي تطاليف طباعته ! وتكلفة جهد ووقت !
لكنني تأسف جداً لأنني رأيت في ذلك هدراً مالياً واضحاً واستنفاداً للطاقة البشرية في الوزارة فبدل دراسة أولئك الرائعين الذين أعدوا الكتاب كنت أتمنى أن يبدأ أولاً بدراسة أوضاع مدارسنا وهل يمكن تطبيق هذا المحتوى الجيد في المدارس فإن أمكن ذلك فلبيبدأوا عملياً بإعداد هذا الكتاب الجيد , وإن كانت أغلبية مدارسنا لاتتوافر به إمكانية تطبيق محتوى الكتاب فإن البدأ بإعداده ثم تعميمه على كل المدارس يعتبر مشروعاً فاشلاً لايتجاوز الهدر المالي الذي يجب وقفه فوراً !
طبعاً لايوجد أي مسرح في مدارسنا – على الأقل تلك التي مررت عليها أو تلك التي يعمل بها زملاء كثر – فلا يوجد مكان يسمى مسرحاً في المدارس فلاخشبة مسرح ولاستار ولا تجهيز أصلاً كالصوت أو ملابس أو …. ولنترك ذلك جانباً فإذا كان المسرح كمكان غير متوافر فكيف أيضاً تتوفر التجهيزات الأخرى …!
من ضمن المحتوى / عرض الدرس كمسرحية داخل الفصل …!
وهنا والله أضحوكة فالفصول تغص بالكتل البشرية وبالكاد أجد فسحة صغيرة أمام السبورة أتحرك من خلالها , فكيف يتم عرض مسرحي ولو بسيط وقصير أمام الطلاب وهم لايستطيعون الحركة ..!
أليس الأولى أن تتم دراسة وضع الفصول ومناسبة الأعداد للمساحة في الفصل ..؟!
ذات يومٍ قررت أن أنزل مع طلابي إلى الساحة الداخلية وهي للأمانة مغطاة من أعلى , وهذا جهد تشكر عليه الوزارة . لولا أنني لم أستطع أن أعمل شيئاً في هذه الساحة فقد كان المكان مليئاً بالضوضاء والضجيج …! وضاع الدرس رغم الجهد البدني الكبير والنفسي الذي بذل مني ومن قبل أبنائي الطلاب لأدرك أن التغيير أحياناً ضار ولا يؤدي إلى نتيجة وأن البقاء داخل الكهوف (الفصول) رحمة للجميع فختمتت الدرس قائلاً:" الله لايغير علينا ياشباب الفصول أرحم أليس كذلك " فضحك الطلاب وتهامسوا لا أدري بم كانوا يتهامسون …لكنني وجدت في دفتر أحدهم حينما صححت الدفاتر لاحقاً جملة مكتوبة بنفس تأريخ ذلك اليوم ومكتوب المكان الساحة تحت :" شكل أستاذنا اختل بسبب ضغط الفصول فأراد التغيير فأتت فوق رأسه .."